أثناء عملى فى أحد الشركات المتخصصه فى مجال برمجيات الويب وتطبيقات الجوال عاصرت بعض الشخصيات التى تؤدى عملها على أكمل وجه و ترعى الله فيه و عاصرت آخرون لا يبتغون وجه الله فى اعمالهم
كان لدي مديراً كسولاً جداً , كثير الأكل , قليل الحركة و المتابعة , كثير الحديث عن ماضيه و عن عمله السابق فى شركة صخر و عن تلك التقنيات ولغات البرمجة القديمة التى كان يعمل بها .
عندما تراه للوهلة الأولى ولأول مره ترى عليه الوقار و شيبة الشعر فتظنه خبيراً حقيقياً بمجاله و مؤدياً جيداً لعمله , بل تظنه عندما يطلب منك فى مقابلة العمل نموذجاً من الكود الذى تكتبه أنه خبير بتلك الأمور.
لكنك سرعان ما تصاب بصدمة بالغة ,حيث تكتشف مدى السطحية التى يتحدث بها , وابتعاده عن الأمور الجدية فى العمل , كسول عن متابعة موظفيه متابعة حقيقة ولكنه بدلاً عن ذلك يتابعهم كلامياً و يعرف مستجدات الأمور و ما وصل إليه فريق العمل شفهياً من أحدهم .
كان كسولاً لدرجة أنه كان يسأل ذلك الزميل عن رأيه فى زميله , و يسأل تلك الزميلة عن رأيها فى زميلها و هل يستحق أن يكمل العمل فى الفريق أم لا , وهل يؤدى أعماله بجد أم لا و قد سألنى ذات من مره عن شخص كنت لا أستلطفه ولكنى كنت أراه يعمل بجد و يتقن عمله , فأخبرته أنه شخص رائع و متميز و لكنى أعلم أن هناك من قال غير ذلك عنه مما تسبب فى فقده لوظيفته بعد فترة قصيرة من العمل .
كان من بين فريق العمل من هم دون العشرين من العمر من طلاب الجامعات المتدربين و برغم أنهم متمرسين فى كتابة الكود البرمجي إلا أننى لاحظت أن معظمهم هزليون غير جادين , طوال ساعات العمل يتحدثون عن ذلك المدير و ذلك العميل و تلك السكرتيره و صاحب العمل المسكين , لم أشعر أننى أعمل فى شركة لها مستقبل مع هؤلاء , بل لم أشعر أننى قد أستفيد أو أضيف إلى خبراتى ان بقيت معهم , فكنت اخشى الخطأ أمامهم لكى لا أصبح مادتهم الهزلية التى يتناولونها أثناء غيابى .
لم أرى يوماً مؤسس الشركة أو صاحب العمل إلا اليوم الذى قررت فيه الرحيل منها , لم يكن يأتى إلى مقر الشركة أبداً ليباشر العمل , كنا نسمع أنه وصل من السفر و سافر و سافر و ذهب ليأتى بالرواتب و تحصيل المستحقات من العملاء , كل ما أعلمه عنه أنه كان حاصلاً على الدكتوراه فى مجال إدارة الأعمال ولا أعرف كيف يمكن أن يكون ذلك .
كانت الرواتب تتأخر حتى يوم منتصف الشهر التالى و كان من الصعب إنتظارها إذ كنت فى مقتبل حياتى المهنية والأسرية ولدي من المسؤليات ما يجعلنى بحاجه إلى الراتب الشهرى فى ميعاده , و لم أكن أعلم بهذه الأمور أثناء المقابله إذ أوضحت لهم فى المقابله أن أحد أسباب بحثى عن عمل آخر فى شركة أخرى غير السابقة التى كنت أعمل بها هو عدم الإلتزام بالأمور المادية فى ميعادها , فكان يتحتم عليهم توضيح أنهم يعانون من نفس المشكلة أثناء المقابله و ذلك ما دفعنى للإنفجار .
قررت أن أرسل رسالة إلى صاحب العمل لأشكو له من كل ما يجرى فى الشركة
أخبرته بإختصار أننى أرى ما يحدث فى الشركة بعينى أكثر منه و إن كنت مجرد موظف و لكنى متواجد بشكل يومى و أخبرته أن الأمانة تحتم على أن أخبره أن جزءاً كبيراً من أمواله تهدر و أن جميع موظفى الشركة و مشاريعها بحاجة إلى المتابعة الجدية و أن شركته قد فقدت الكثير من الخبرات الرائعه برحيل البعض عنها من الجديين الذين لم يجدوا فيها بيئة صحية للعمل و شكوت له المدير الكسول الذى يقوم بواجبه على أكسل وجه , و أخبرته كذلك أن هناك إهمال لحقوق الموظفين المادية فإن كنا نؤدى أعمالنا كما تطلب منا فنحن ننتظر فى نهاية الشهر رواتبنا كذلك .
و أخيراً طلبت منه المجئ إلى شركته و الإجتماع بالموظفين و مصارحتهم و التحدث إليهم بلطف وود و محاولة التواصل معهم و اشعال الحماسة التى خمدت فى صدورهم وتحولوا من مبرمجين و مصممين إلى موظفين حكوميين يعملون بنظام يدعو إلى الرتابة والملل .
فى اليوم التالى وجدت المدير الكسول يطلب منى الحضور إلى مكتبه و يعاتبنى أنه لم يكن يجب على إرسال مثل تلك الرسالة إلى صاحب الشركة و إنما كان يجب أن آتى إليه ليعطينى راتبى بحجة أننى مختلف عن باقى الموظفين لأننى أسافر يومياً إلى محافظة أخرى و أننى متزوج و لدى أسرة ( برغم أن عددا من الموظفين كانوا مثلى ) و كانوا متضايقين جداً و هو ما أسمعه و أنا بينهم فى همساتهم و كلامهم وتلميحاتهم .
أخبرنى المدير الكسول أن هذا آخر شهر لى فى الشركة وطلب منى الذهاب إلى السكرتيره لآخذ راتب هذا الشهر .
عدت فى اليوم التالى لآخذ باقى أوراقى و أسلم العهدة التى لدى و المشاريع التى كنت قائماً عليها و أنا فرح و مسرور جداً لأننى سأترك ذلك المكان . عند دخولى من باب الشركة قابلت شخصاً لم أعرفه من قبل و لم يعرف هو كذلك من أنا … فنظرت له و نظر لى و مررت من جواره و ذهبت إلى مكتبى وفى تلك الأثناء وجدت من يطرق باب الغرفة و يطلب منى الذهاب إلى غرفة المدير .
ذهبت إلى الغرفة فوجدت ذلك الشخص هناك و عرفنى بنفسه أنه هو صاحب الشركة و أخبرنى أنه ممتن لما أرسلته له و لكنه كان يتمنى لو خفت حدة الأسلوب الذى كتبت به . ثم أخذ يسألنى وجهاً لوجه بعض الأسئلة عن بعض الموظفين , إلا أننى رفضت أن أتحدث و أن أقول اسم احد من المقصرين الذين رأيتهم بعينى و لكننى أخبرته عن المدير الكسول مجدداً و أكدت له أن ذلك الشخص هو سبب رئيسي فى عدم تقدم الشركة و أنه يقدم اليك التقارير التى تريحك و لا تجعل بالك مشغولاً بالشركة و أخبرته بأننى أشهد الله إنى لا أغتابه و مستعد لمواجهته أمام الشركة و موظفيها جميعاً , إنى لا أريد أن أقطع رزق ذلك الشخص و لا أريد أن أكون سبباً فى ترك أحد لعمله ولكن هناك الكثيرين ممن تركوا العمل و أجبروا على تركه بسبب ذلك الشخص .
حيانى صاحب العمل كثيراً على جرأتى و أكد لى أنه سيعمل فى الفترة القادمة على توفير الرواتب و حل مشكلتها و على مراقبة العمل فى الشركة و العاملين بها و محاسبة المقصرين , و طلب منى أن أتراجع عن استقالتى ففوجئت و أخبرته أننى لم اقدم استقالتى و لكن تم اخبارى أننى غير مرغوب بى فى هذا المكان !! و هنا عرفت أنها كانت مكيده من ذلك المدير .. فلم يتحدث و ساد الصمت بضع ثوان ..
قطعت الصمت قائلاً لصاحب العمل , بغض النظر عما حدث فأنا قد أخذت خطوة للأمام و لن أتمكن من التراجع عنها , أنا الآن بدون عمل و بدأت مشوارى الجديد فى رحلة البحث عن عمل , تحياتى لك وأتمنى لك النجاح و التوفيق .
فقال , أستأذنك ألا تأخذ أوراقك اليوم و اذهب اليوم لبيتك و فكر ملياً ثم ارجع غداً إما تكمل أو تأخذ الأوراق .
ذهبت إلى البيت واستخرت الله و فكرت و لكنى وجدت أننى كلما فكرت فى العمل فى هذه الشركة وجدت نفسى محبطاً .. فتركت الورق لديهم و لم أذهب حتى لآخذه … !
كان موعد الحج قد اقترب و كنت أتمنى الذهاب لآداء هذه الفريضة منذ فترة و كانت الفرصة سانحة جداً فكان والدى بالسعودية يعمل هناك و قد عرض على ارسال دعوة لزيارته و آداء هذه الفريضة , فذهبت إلى الشركة و أخذت الورق لأن من ضمنه أوراق لازمه للسفر و لكنى هذه المرة وجدت الأجواء غريبة بعض الشئ , فالكل فى مكتبه يعمل بإنتباه , وجوه جديده و لكنى علمت أن المدير الكسول مازال موجودا ً… فحمدت الله اننى لم أعد للعمل ذلك اليوم ..
بعد آداء فريضة الحج و الرجوع .. جائتنى فرصة للعمل فى شركة أخرى و فى أثناء ذلك تواصلت مع أحد الزملاء القدامى الذين كانوا يعملون فى الشركة القديمه , فأخبرنى و هو يطير من الفرحة لقد رحل المدير الكسول عنهم و أن صاحب الشركة أصبح أكثر تواجداً ومتابعة لهم و إجتماعاً بهم و عرفت بعدها أن المدير الجديد وضع لهم على كل جهاز من أجهزة الشركة برنامجاً ليراقب و يتابع آدائهم و يقيمهم و إن كانت خطوة غير سليمه من وجهة نظرى إلا أن الرجل مهتم بمتابعة الموظيفين وتقييمهم بنفسه … وهو ما يهم …
نصيحتى بإختصار إلى كل صاحب عمل :
صادق موظفيك , اجتمع بهم , تقرب منهم و اعتذر لهم إن أخطأت و اجعلهم يشعروا أنهم شركاء النجاح ومدى حاجتك و إصرارك على نجاح عملك.
سيكون رد فعلهم الإخلاص لعملك و الإحترام لك و الخوف على أموالك و أعمالك .